أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي قال : سئل أبو حنيفة عن رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فاشترى دارا ، أو أرضا ، أو رقيقا ، أو ثيابا ، فظهر عليه المسلمون ؟ قال : « أما الدور والأرضون فهي من فيء المسلمين وأما الرقيق والمتاع فهو للرجل الذي اشتراه » وقال الأوزاعي : « فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة ، فخلى بين المهاجرين وأرضهم ودورهم بمكة ، ولم يجعلها فيئا » وقال أبو يوسف : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عفا عن مكة وأهلها وقال : « من أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن » ونهى عن القتل إلا نفرا قد سماهم ، إلا أن يقاتل أحد فيقاتل ، وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد : « ما ترون أني صانع بكم ؟ » قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم قال : « اذهبوا فأنتم الطلقاء » ، ولم يجعل منها فيئا قليلا ولا كثيرا ، لا دارا ولا أرضا ولا مالا ، ولم يسب من أهلها أحدا ، وقد قاتله قوم فيها فقتلوا وهربوا فلم يأخذ من متاعهم شيئا ، ولم يجعله فيئا ، وقد أخبرتك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في هذا كغيره ، فهذا من ذلك ، فتفهم فأما الرجل المسلم الذي دخل دار الحرب ، فالقول فيه كما قال أبو حنيفة ؛ لأن الدور والأرضين لا تحول ولا يحوزها المسلم قال الشافعي : القول ما قال الأوزاعي ، إلا أنه لم يصنع في الحجة بمكة ، ولا أبو يوسف شيئا لم يدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة ، وإنما دخلها سلما ، وقد سبق لهم أمان ، والذين قاتلوا وأذن في قتلهم بمكة هم أبعاض قتلت خزاعة ، وليس لهم بمكة دار ولا مال ، وإنما هم قوم هربوا إليها ، فأي شيء يغنم ممن لا مال له ؟ وأما غيرهم ممن خالد بن الوليد بدأهم بالقتال فادعوا أن خالد بن الوليد بدأهم بالقتال ولم ينفذ لهم أمانا ، وادعى خالد أنهم بدأوه ، ثم أسلموا قبل أن يظهر لهم على شيء ومن لم يسلم صار إلى قبول الأمان بإلقاء السلاح ودخول داره ، فقد تقدم من رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من دخل داره فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن » قال : من يغنم مال من له أمان لا غنيمة على مال هذا وما يقتدى فيما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما صنع ، وبسط الكلام في هذا وجرى في خلال كلامه أن ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم مبين في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو فيهما ولو جاز أن يقال في شيء لم يبين أنه خاص له : لعل هذا من الخاص له ، جاز هذا في كل حكمه فخرجت أحكامه من أيدينا قال : وكيف يجوز أن يغنم مال المسلم وقد منعه الله بدينه ، وبسط الكلام في هذا ، واحتج بحديث ابني سعية ، ومنع أن يكون بين الدور والأراضي وغيرها مما تحول فرق قال أحمد : احتج بعض من خالفنا في هذا بأحاديث في نقض قريش عهدهم ، وأنهم لم يثبتوا على الصلح الذي جرى بالحديبية وذلك مسلم له إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران وأتاه أبو سفيان ومن أتاه من أهل مكة ، عقد لأهل مكة الأمان إلا نفرا يسيرا سماهم بشرط ، فقال : « من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه داره فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن كف يده فهو آمن » ، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد فأما ما حكى من حديث أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار حين طافوا به : « انظروا إلى أوباش قريش وأتباعهم » ، ثم قال : « إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا » ، فإنما قال ذلك ، لأنه لم نعلم أن قريشا قبلت ما عقد لهم من الأمان ، فدخل مكة مستعدا للقتال خوفا من غدرهم ، وأمر الأنصار بالقتال إن قاتلوا والذي روي في حديثه من قوله لأبي سفيان : « من دخل داره فهو آمن » ، فاختلاف رواته في وقت حكايته يدل على أنهم قصدوا حكاية لفظه دون حكاية وقته ، وقد بين عبد الله بن عباس وعكرمة بن الزبير وعكرمة وسائر أصحاب المغازي ، أن ذلك القول كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمر الظهران ، ويجوز أن يكون أعاده بمكة ، وكيف يجوز أن يكون ابتداؤه بعدما ظفر بهم ، وليس للإمام ذلك بعد الظفر بهم ؟ ودعوى التخصيص من غير حجة غير مقبولة ، ولا حجة في توهم الطلقاء أن السيف لا يرفع عنهم وهو كقول أبي سفيان للعباس حين وقفه ليرى كثرة الناس : أغدرا يا بني هاشم ؟ فقال العباس : ستعلم أنا لسنا نغدر ، ولولا انعقاد الأمان لهم بما مضى لما قال ذلك ، فلعلهم كانوا يتوهمون ما توهم أبو سفيان ، فقال : « أنتم الطلقاء » وهو يريد الأمان السابق ووجود شرطه قال أحمد : والنبي صلى الله عليه وسلم خرج لغزو قريش ، والفتح يكون بالصلح مرة ، والقهر أخرى ، وقد سمى الله تعالى صلح الحديبية فتحا قال الشافعي في القديم : قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : إنا فتحنا لك فتحا مبينا فلم يختلف الناس أن ذلك نزل يوم الحديبية ، فسمى صلحهم فتحا ، وقد يقول الناس للمدينة تفتح : افتتحت صلحا ، ويقال : افتتحت عنوة ، فالفتح قد يكون صلحا ، وقد يكون عنوة قال أحمد : فليس في تسمية الناس خروجه غزوا ، ودخوله مكة فتحا ، ما يدل على أنها فتحت عنوة ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إنما أحلت لي ساعة من نهار » يريد ، والله أعلم ، دخولها معدا للقتال بغير إحرام ، إن لم يقبلوا الأمان وقاتلوه والذي روي في حديث أم هانئ من إرادة علي قتل رجل أجارته فلعله رآه ومعه السلاح فظن أنه لم يقبل الأمان بدليل أن ذلك كان بعد قوله : « أنتم الطلقاء » ، وخروجه من المسجد واشتغاله بالغسل وصلاة الضحى في ذلك الوقت لم يجز إلا قتل من استثناهم بالإجماع ، والله أعلم
Öneri Formu
Hadis Id, No:
202823, BMS005460
Hadis:
أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي قال : سئل أبو حنيفة عن رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فاشترى دارا ، أو أرضا ، أو رقيقا ، أو ثيابا ، فظهر عليه المسلمون ؟ قال : « أما الدور والأرضون فهي من فيء المسلمين وأما الرقيق والمتاع فهو للرجل الذي اشتراه » وقال الأوزاعي : « فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة ، فخلى بين المهاجرين وأرضهم ودورهم بمكة ، ولم يجعلها فيئا » وقال أبو يوسف : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عفا عن مكة وأهلها وقال : « من أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن » ونهى عن القتل إلا نفرا قد سماهم ، إلا أن يقاتل أحد فيقاتل ، وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد : « ما ترون أني صانع بكم ؟ » قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم قال : « اذهبوا فأنتم الطلقاء » ، ولم يجعل منها فيئا قليلا ولا كثيرا ، لا دارا ولا أرضا ولا مالا ، ولم يسب من أهلها أحدا ، وقد قاتله قوم فيها فقتلوا وهربوا فلم يأخذ من متاعهم شيئا ، ولم يجعله فيئا ، وقد أخبرتك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في هذا كغيره ، فهذا من ذلك ، فتفهم فأما الرجل المسلم الذي دخل دار الحرب ، فالقول فيه كما قال أبو حنيفة ؛ لأن الدور والأرضين لا تحول ولا يحوزها المسلم قال الشافعي : القول ما قال الأوزاعي ، إلا أنه لم يصنع في الحجة بمكة ، ولا أبو يوسف شيئا لم يدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة ، وإنما دخلها سلما ، وقد سبق لهم أمان ، والذين قاتلوا وأذن في قتلهم بمكة هم أبعاض قتلت خزاعة ، وليس لهم بمكة دار ولا مال ، وإنما هم قوم هربوا إليها ، فأي شيء يغنم ممن لا مال له ؟ وأما غيرهم ممن خالد بن الوليد بدأهم بالقتال فادعوا أن خالد بن الوليد بدأهم بالقتال ولم ينفذ لهم أمانا ، وادعى خالد أنهم بدأوه ، ثم أسلموا قبل أن يظهر لهم على شيء ومن لم يسلم صار إلى قبول الأمان بإلقاء السلاح ودخول داره ، فقد تقدم من رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من دخل داره فهو آمن ، ومن ألقى السلاح فهو آمن » قال : من يغنم مال من له أمان لا غنيمة على مال هذا وما يقتدى فيما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما صنع ، وبسط الكلام في هذا وجرى في خلال كلامه أن ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم مبين في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو فيهما ولو جاز أن يقال في شيء لم يبين أنه خاص له : لعل هذا من الخاص له ، جاز هذا في كل حكمه فخرجت أحكامه من أيدينا قال : وكيف يجوز أن يغنم مال المسلم وقد منعه الله بدينه ، وبسط الكلام في هذا ، واحتج بحديث ابني سعية ، ومنع أن يكون بين الدور والأراضي وغيرها مما تحول فرق قال أحمد : احتج بعض من خالفنا في هذا بأحاديث في نقض قريش عهدهم ، وأنهم لم يثبتوا على الصلح الذي جرى بالحديبية وذلك مسلم له إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران وأتاه أبو سفيان ومن أتاه من أهل مكة ، عقد لأهل مكة الأمان إلا نفرا يسيرا سماهم بشرط ، فقال : « من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه داره فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن كف يده فهو آمن » ، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد فأما ما حكى من حديث أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار حين طافوا به : « انظروا إلى أوباش قريش وأتباعهم » ، ثم قال : « إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا » ، فإنما قال ذلك ، لأنه لم نعلم أن قريشا قبلت ما عقد لهم من الأمان ، فدخل مكة مستعدا للقتال خوفا من غدرهم ، وأمر الأنصار بالقتال إن قاتلوا والذي روي في حديثه من قوله لأبي سفيان : « من دخل داره فهو آمن » ، فاختلاف رواته في وقت حكايته يدل على أنهم قصدوا حكاية لفظه دون حكاية وقته ، وقد بين عبد الله بن عباس وعكرمة بن الزبير وعكرمة وسائر أصحاب المغازي ، أن ذلك القول كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمر الظهران ، ويجوز أن يكون أعاده بمكة ، وكيف يجوز أن يكون ابتداؤه بعدما ظفر بهم ، وليس للإمام ذلك بعد الظفر بهم ؟ ودعوى التخصيص من غير حجة غير مقبولة ، ولا حجة في توهم الطلقاء أن السيف لا يرفع عنهم وهو كقول أبي سفيان للعباس حين وقفه ليرى كثرة الناس : أغدرا يا بني هاشم ؟ فقال العباس : ستعلم أنا لسنا نغدر ، ولولا انعقاد الأمان لهم بما مضى لما قال ذلك ، فلعلهم كانوا يتوهمون ما توهم أبو سفيان ، فقال : « أنتم الطلقاء » وهو يريد الأمان السابق ووجود شرطه قال أحمد : والنبي صلى الله عليه وسلم خرج لغزو قريش ، والفتح يكون بالصلح مرة ، والقهر أخرى ، وقد سمى الله تعالى صلح الحديبية فتحا قال الشافعي في القديم : قال الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : إنا فتحنا لك فتحا مبينا فلم يختلف الناس أن ذلك نزل يوم الحديبية ، فسمى صلحهم فتحا ، وقد يقول الناس للمدينة تفتح : افتتحت صلحا ، ويقال : افتتحت عنوة ، فالفتح قد يكون صلحا ، وقد يكون عنوة قال أحمد : فليس في تسمية الناس خروجه غزوا ، ودخوله مكة فتحا ، ما يدل على أنها فتحت عنوة ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إنما أحلت لي ساعة من نهار » يريد ، والله أعلم ، دخولها معدا للقتال بغير إحرام ، إن لم يقبلوا الأمان وقاتلوه والذي روي في حديث أم هانئ من إرادة علي قتل رجل أجارته فلعله رآه ومعه السلاح فظن أنه لم يقبل الأمان بدليل أن ذلك كان بعد قوله : « أنتم الطلقاء » ، وخروجه من المسجد واشتغاله بالغسل وصلاة الضحى في ذلك الوقت لم يجز إلا قتل من استثناهم بالإجماع ، والله أعلم
Tercemesi:
Açıklama:
Yazar, Kitap, Bölüm:
Beyhakî, Ma'rifetü's-sünen ve'l-âsâr, Siyer 5460, 7/60
Senetler:
()
Konular: