أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن يعقوب الإيادي المالكي ببغداد قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي قال : حدثنا الحارث بن محمد قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال : أخبرنا أخضر بن عجلان قال : حدثني أبو بكر الحنفي ، عن أنس بن مالك الأنصاري قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الفاقة (1) ، ثم عاد ، فقال : يا رسول الله ، لقد جئتك من عند أهل بيت ، ما أراني أرجع إليهم حتى يموت بعضهم ، فقال له : « انطلق فهل تجد من شيء ؟ » قال : فذهب ، فجاء بحلس (2) وقدح ، فقال : يا نبي الله ، هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويلبسون بعضه ، وهذا القدح كانوا يشربون فيه ، فقال : « من يأخذهما مني بدرهم ؟ » فقال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، فقال : « هما لك » ، ثم دعا الرجل ، فقال : « اشتر بدرهم طعاما لأهلك ، واشتر بدرهم فأسا ، ثم ائتني » ، فأتاه ، فقال : « انطلق إلى هذا الوادي ، فلا تدع فيه شوكا ، ولا حاجا ، ولا حطبا ، ولا تأتني خمس عشرة » فانطلق الرجل فأصاب عشرة ، فاشترى طعاما بخمسة وكسوة بخمسة ، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لقد بارك الله عز وجل لي فيما أمرتني به ، فقال : « وهذا خير لك من أن تجيء يوم القيامة وفي وجهك نكت (3) المسألة » ، ثم قال : « إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة : لذي دم موجع ، أو غرم (4) مفظع (5) ، أو فقر مدقع (6) » . قال أحمد : وهذا الحديث المشهور المخرج في كتاب أبي داود ، يوافق حديث ابن الخيار في أن الصدقة لا تصلح بالفقر لمن له كسب يقوم بكفايته ، ويوافق حديث قبيصة في أن المسألة تصلح لمن حمل حمالة في دم أو لزمه غرم في مال ، إلا أنه في حديث أنس رأى في الرجل الذي سأله قوة على الكسب ، فأمره به ، ولم يرخص له في المسألة بالفاقة مع القدرة على الكسب ، وأباحها لذي فقر مدقع ، وذلك إذا عجز عن الكسب ، ولا يكون له مال يقوم بكفايته وكفاية عياله ، فتكون له المسألة بالحاجة . وفي حديث قبيصة بن مخارق تنبيه على ذلك ، وهو أنه إنما أباح له المسألة عند تحقق الفاقة ، وإنما تتحقق فاقته إذا لم يكن له مال يغنيه ويغني عياله ، ولا كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله ، فإذا كان له أحدهما فلا تتحقق فاقته . وأباح له المسألة في الجائحة تصيب ماله فتجتاحه حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش ، فبين بذلك أن المعنى فيه كفايته وكفاية عياله ، فإذا كان له كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله ، فقد أصاب قواما من عيش ، فلم يجز له أخذ الصدقة بالفاقة ، وإذا كان له كسب ضعيف لا يقوم بكفايته وكفاية عياله أو مال ، فإن بلغ نصابا لا يقوم بكفايته وكفاية عياله فله أخذ الصدقة من غير تقدير ، حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش
والذي ذكر من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : « من سأل وله مال يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خموش أو خدوش (1) أو كدوح (2) » فقيل : وما الغنى يا رسول الله ؟ قال : « خمسون درهما أو قيمتها من الذهب » . تفرد به حكيم بن جبير ، وليس بالقوي
وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة ، عن سفيان ، عن عمار بن رزيق ، عن حكيم بن جبير ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من أحد له خمسون درهما أو عدله من الذهب تحل له الصدقة » . وهو إن صح لم يخالف ما قلنا لأنه اعتبر في الابتداء ما يغنيه ، فدخل فيه الكسب والمال بوقوع الغنى بكل واحد منها ، ثم حين سئل عن الغنى فسره بخمسين درهما ، وإنما أراد من لا كسب له يقوم بكفايته حتى يكون معه خمسون درهما
ألا تراه قال في حديث آخر : « من سأل وله أوقية (1) أو عدلها فقد سأل إلحافا (2) » . والأوقية أربعون درهما
وفي حديث آخر : قيل : وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة ؟ قال : « أن يكون له شبع يوم وليلة » . وكل ذلك متفق في المعنى ، وهو أنه اعتبر الغنى وهي الكفاية ، ثم إنها تختلف باختلاف الناس ، فمنهم من يغنيه خمسون ، ومنهم من يغنيه أربعون ، ومنهم من له كسب يدر عليه كل يوم ما يغديه ويعشيه ، ولا عيال له فهو مستغن به ، فلا يكون له أخذ الصدقة
وفي مثل هذا المعنى ورد قوله : « للسائل حق وإن جاء على فرس » . فقد يكون كثير العيال ولا كسب له يقوم بكفايتهم فيجوز إعطاؤه حتى يصيب قواما من عيش ، وهو أقل ما يكفيه ويكفي عياله
وفي مثل هذا المعنى ، ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : « إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم » . فاعتبر الكفاية ، فالاعتبار بها في حالتي الإعطاء والمنع ، وبالله التوفيق . قال الشافعي رحمه الله : والعاملون عليها من ولاه الوالي قبضها وقسمها ، ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : فأما الخليفة ووالي الإقليم العظيم الذي تولى أخذها عامل دونه ، فليس له فيها حق
Öneri Formu
Hadis Id, No:
201150, BMS004030
Hadis:
أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن يعقوب الإيادي المالكي ببغداد قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي قال : حدثنا الحارث بن محمد قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال : أخبرنا أخضر بن عجلان قال : حدثني أبو بكر الحنفي ، عن أنس بن مالك الأنصاري قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الفاقة (1) ، ثم عاد ، فقال : يا رسول الله ، لقد جئتك من عند أهل بيت ، ما أراني أرجع إليهم حتى يموت بعضهم ، فقال له : « انطلق فهل تجد من شيء ؟ » قال : فذهب ، فجاء بحلس (2) وقدح ، فقال : يا نبي الله ، هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويلبسون بعضه ، وهذا القدح كانوا يشربون فيه ، فقال : « من يأخذهما مني بدرهم ؟ » فقال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، فقال : « هما لك » ، ثم دعا الرجل ، فقال : « اشتر بدرهم طعاما لأهلك ، واشتر بدرهم فأسا ، ثم ائتني » ، فأتاه ، فقال : « انطلق إلى هذا الوادي ، فلا تدع فيه شوكا ، ولا حاجا ، ولا حطبا ، ولا تأتني خمس عشرة » فانطلق الرجل فأصاب عشرة ، فاشترى طعاما بخمسة وكسوة بخمسة ، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لقد بارك الله عز وجل لي فيما أمرتني به ، فقال : « وهذا خير لك من أن تجيء يوم القيامة وفي وجهك نكت (3) المسألة » ، ثم قال : « إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة : لذي دم موجع ، أو غرم (4) مفظع (5) ، أو فقر مدقع (6) » . قال أحمد : وهذا الحديث المشهور المخرج في كتاب أبي داود ، يوافق حديث ابن الخيار في أن الصدقة لا تصلح بالفقر لمن له كسب يقوم بكفايته ، ويوافق حديث قبيصة في أن المسألة تصلح لمن حمل حمالة في دم أو لزمه غرم في مال ، إلا أنه في حديث أنس رأى في الرجل الذي سأله قوة على الكسب ، فأمره به ، ولم يرخص له في المسألة بالفاقة مع القدرة على الكسب ، وأباحها لذي فقر مدقع ، وذلك إذا عجز عن الكسب ، ولا يكون له مال يقوم بكفايته وكفاية عياله ، فتكون له المسألة بالحاجة . وفي حديث قبيصة بن مخارق تنبيه على ذلك ، وهو أنه إنما أباح له المسألة عند تحقق الفاقة ، وإنما تتحقق فاقته إذا لم يكن له مال يغنيه ويغني عياله ، ولا كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله ، فإذا كان له أحدهما فلا تتحقق فاقته . وأباح له المسألة في الجائحة تصيب ماله فتجتاحه حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش ، فبين بذلك أن المعنى فيه كفايته وكفاية عياله ، فإذا كان له كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله ، فقد أصاب قواما من عيش ، فلم يجز له أخذ الصدقة بالفاقة ، وإذا كان له كسب ضعيف لا يقوم بكفايته وكفاية عياله أو مال ، فإن بلغ نصابا لا يقوم بكفايته وكفاية عياله فله أخذ الصدقة من غير تقدير ، حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش
والذي ذكر من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : « من سأل وله مال يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خموش أو خدوش (1) أو كدوح (2) » فقيل : وما الغنى يا رسول الله ؟ قال : « خمسون درهما أو قيمتها من الذهب » . تفرد به حكيم بن جبير ، وليس بالقوي
وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة ، عن سفيان ، عن عمار بن رزيق ، عن حكيم بن جبير ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما من أحد له خمسون درهما أو عدله من الذهب تحل له الصدقة » . وهو إن صح لم يخالف ما قلنا لأنه اعتبر في الابتداء ما يغنيه ، فدخل فيه الكسب والمال بوقوع الغنى بكل واحد منها ، ثم حين سئل عن الغنى فسره بخمسين درهما ، وإنما أراد من لا كسب له يقوم بكفايته حتى يكون معه خمسون درهما
ألا تراه قال في حديث آخر : « من سأل وله أوقية (1) أو عدلها فقد سأل إلحافا (2) » . والأوقية أربعون درهما
وفي حديث آخر : قيل : وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة ؟ قال : « أن يكون له شبع يوم وليلة » . وكل ذلك متفق في المعنى ، وهو أنه اعتبر الغنى وهي الكفاية ، ثم إنها تختلف باختلاف الناس ، فمنهم من يغنيه خمسون ، ومنهم من يغنيه أربعون ، ومنهم من له كسب يدر عليه كل يوم ما يغديه ويعشيه ، ولا عيال له فهو مستغن به ، فلا يكون له أخذ الصدقة
وفي مثل هذا المعنى ورد قوله : « للسائل حق وإن جاء على فرس » . فقد يكون كثير العيال ولا كسب له يقوم بكفايتهم فيجوز إعطاؤه حتى يصيب قواما من عيش ، وهو أقل ما يكفيه ويكفي عياله
وفي مثل هذا المعنى ، ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : « إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم » . فاعتبر الكفاية ، فالاعتبار بها في حالتي الإعطاء والمنع ، وبالله التوفيق . قال الشافعي رحمه الله : والعاملون عليها من ولاه الوالي قبضها وقسمها ، ثم ساق الكلام ، إلى أن قال : فأما الخليفة ووالي الإقليم العظيم الذي تولى أخذها عامل دونه ، فليس له فيها حق
Tercemesi:
Açıklama:
Yazar, Kitap, Bölüm:
Beyhakî, Ma'rifetü's-sünen ve'l-âsâr, Kasmu's-Sadakat 4030, 5/192
Senetler:
()
Konular: