فحدثنا أبو عبد الله الأصبهاني ثنا الحسن بن الجهم ثنا الحسين بن الفرج ثنا محمد بن عمر حدثني مسلمة بن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : سمعت أبي يقول : أرسل ابن الزبير إلى الحصين بن نمير يدعوه إلى البراز فقال الحصين لا يمنعني من لقائك جبن و لست أدري لمن يكون الظفر فإن كان لك كنت قد ضيعت من ورائي و إن كان لي كنت قد أخطأت التدبير و إن طفت رجعنا إلى باقي الحديث و ضرب ابن الزبير فسطاطا في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى و يداويهنهم و يطعمن الجائع و يكمن إليهن المجروح فقال حصين : ما يزال يخرج علينا من ذلك الفسطاط أسد كأنما يخرج من عرينه فمن يكفنيه ؟ فقال رجل من أهل الشام : أن فلما جن عليه الليل و ضع شمعة في طرف رمحه ثم ضرب فرسه ثم طعن الفسطاط فالتهب نارا و الكعبة يومئذ مؤزرة في الطنافس و على أعلاها الجرة فطارت الريح باللهب على الكعبة حتى احترقت و احترق فيها يومئذ قرنا الكبش الذي فدي به إسحاق
قال فبلغ حصين بن نمير موت يزيد بن معاوية فهرب حصين بن نمير فلما مات يزيد بن معاوية دعا مروان بن الحكم إلى نفسه فأجابه أهل حمص و أهل الأردن و فلسطين فوجه إليه ابن الزبير الضحاك بن قيس الفهري في مائة ألف فالتقوا بمرج راهط و مروان يومئذ في خمسة آلاف من بني أمية و مواليهم و أتباعهم من أهل الشام فقال مروان لمولى له كره : احمل على أي الطرفين شئت فقال : كيف نحمل على هؤلاء مع كثرتهم ؟ فقال : هم بين مكره و مستأجر احمل عليهم لا أم لك فيكفيك الطعان الناجع الجيد و هم يكفونك بأنفسهم إنما هؤلاء عبيد الدينار و الدرهم فحمل عليهم فهزمهم و أقبل الضحاك بن قيس و انصدع الجيش ففي ذلك يقول زفر بن الحارث :
لعمري لقد أبقت وقيعة راهط لمروان صرعى و اقعات و سابيا
أمضى سلاحي لا أبالك إنني لدى لا يزداد إلا تماديا
فقد ينبت المرعى على دمن الثرى و يبقي خزرات النفوس كما هيا
و فيه يقول أيضا :
أفي الحق أما بحدل و ابن بحدل فيحيى و أما ابن الزبير فيقتل
كذبتم و بيت الله لا يقتلونه و لما يكن يوم أغر محجل
و لما يكن للمشرفية فيكم شعاع كنور الشمس حين ترجل
قال : ثم مات مروان فدعا عبد الملك إلى نفسه و قام فأجابه أهل الشام فخطب على المنبر و قال : من لابن الزبير ؟ فقال الحجاج : أنا يا أمير المؤمنين فأسكته ثم عاد فأسكته ثم عاد فقال : أنا له يا أمير المؤمنين فإني رأيت في النوم كأني انتزعت جنة فلبستها فعقد له و وجهه في الجيش إلى مكة حرسها الله تعالى حتى وردها على ابن الزبير فقاتله بها فقال ابن الزبير لأهل مكة : احفظوا هذين الجبلين فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما قال : فلم يلبثوا أن ظهر الحجاج و من معه على أبي قبيس ونصب عليها المنجنيق فكان يرمي به ابن الزبير ومن معه في المسجد فلما كان الغداة التي قتل فيها ابن الزيير دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها و هي يومئذ بنت مائة سنة لم يسقط لها سن و لم يفسد لها بصر و لا سمع فقالت لابنها : يا عبد الله ما فعلت في حبرك ؟ فقال : بلغوا مكان كذا و كذا قال و ضحك ابن الزبير و قال : إن في الموت لراحة فقالت : يا بني لعلك تمنيته لي ما أحب أن أموت حتى يأتي على أحد طرفيك إما أن تظفر فتقر بذلك عيني و إما أن تقتل فاحتسبك قال : ثم ودعها فقالت له : يا بني إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل و خرج عنها فدخل المسجد و قد جعل مصراعين على الحجر الأسود يبقى أن تصيب بالمنجنيق و أتى ابن الزبير آت و هو جالس عند زمزم فقال له : ألا تفتح لك الكعبة فتصعد فيها فنظر إليه عبد الله ثم قال له : من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه يعني من أجله و هل للكعبة حرمة ليست لهذا المكان و الله لو وجدوكم معلقين بأستار الكعبة لقتلوكم فقيل له ألا تكلمهم في الصلح ؟ فقال : أو حين صلح هذا ؟ و الله لو وجودوكم في جوفها لذبحوكم جميعا ثم أنشأ يقول :
و لست بمبتاع الحياة ببيعة و لا مرتق من خشية الموت سلما
أنافس أنه غير نازح ملاق المنايا أي صرف تيمما
ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه لا ينكس سيفه فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة و الله ما لقيت زحفا قط إلا في الرعيل الأول و لا ألمت جرحا قط إلا أن ألم الدواء قال : فبينما هم كذلك إذ دخل عليهم نفر من بني جمح فيهم أسود فقال من هؤلاء قيل أهل حمص فحمل عليهم و معه سبعون فأول من لقيه الأسود فضربه بسيفه حتى أظن رجله فقال له الأسود : آه يا ابن الزانية فقال له ابن الزبير : إخسا يا ابن حام لأسماء زانية ثم أخرجهم من المسجد فانصرف فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني سهم فقال : من هؤلاء ؟ فقيل : أهل الأردن فحمل عليهم و هو يقول :
لا عهد لي بغارة مثل السيل لا ينجلي غبارها حتى الليل
قال : فأخرجهم من المسجد ثم رجع فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم فحمل عليهم و هو يقول :
لو كان قرني واحدا لكفيته أوردته الموت و ذكيته
قال : و على ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر و غيره فحمل عليهم فأصابته آجرة في مفرقه حتى حلقت رأسه فوقف قائما و هو يقول :
و لسنا على الأعقاب تدمي كلومنا و لكن على أقدامنا تقطر الدماء
قال : ثم وقع فأكب عليه موليان له و هما يقولان : العبد يحمي ربه و يحمى
قال : ثم سير إليه فحز رأسه رضي الله عنه
Öneri Formu
Hadis Id, No:
194650, NM006475
Hadis:
فحدثنا أبو عبد الله الأصبهاني ثنا الحسن بن الجهم ثنا الحسين بن الفرج ثنا محمد بن عمر حدثني مسلمة بن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : سمعت أبي يقول : أرسل ابن الزبير إلى الحصين بن نمير يدعوه إلى البراز فقال الحصين لا يمنعني من لقائك جبن و لست أدري لمن يكون الظفر فإن كان لك كنت قد ضيعت من ورائي و إن كان لي كنت قد أخطأت التدبير و إن طفت رجعنا إلى باقي الحديث و ضرب ابن الزبير فسطاطا في المسجد فكان فيه نساء يسقين الجرحى و يداويهنهم و يطعمن الجائع و يكمن إليهن المجروح فقال حصين : ما يزال يخرج علينا من ذلك الفسطاط أسد كأنما يخرج من عرينه فمن يكفنيه ؟ فقال رجل من أهل الشام : أن فلما جن عليه الليل و ضع شمعة في طرف رمحه ثم ضرب فرسه ثم طعن الفسطاط فالتهب نارا و الكعبة يومئذ مؤزرة في الطنافس و على أعلاها الجرة فطارت الريح باللهب على الكعبة حتى احترقت و احترق فيها يومئذ قرنا الكبش الذي فدي به إسحاق
قال فبلغ حصين بن نمير موت يزيد بن معاوية فهرب حصين بن نمير فلما مات يزيد بن معاوية دعا مروان بن الحكم إلى نفسه فأجابه أهل حمص و أهل الأردن و فلسطين فوجه إليه ابن الزبير الضحاك بن قيس الفهري في مائة ألف فالتقوا بمرج راهط و مروان يومئذ في خمسة آلاف من بني أمية و مواليهم و أتباعهم من أهل الشام فقال مروان لمولى له كره : احمل على أي الطرفين شئت فقال : كيف نحمل على هؤلاء مع كثرتهم ؟ فقال : هم بين مكره و مستأجر احمل عليهم لا أم لك فيكفيك الطعان الناجع الجيد و هم يكفونك بأنفسهم إنما هؤلاء عبيد الدينار و الدرهم فحمل عليهم فهزمهم و أقبل الضحاك بن قيس و انصدع الجيش ففي ذلك يقول زفر بن الحارث :
لعمري لقد أبقت وقيعة راهط لمروان صرعى و اقعات و سابيا
أمضى سلاحي لا أبالك إنني لدى لا يزداد إلا تماديا
فقد ينبت المرعى على دمن الثرى و يبقي خزرات النفوس كما هيا
و فيه يقول أيضا :
أفي الحق أما بحدل و ابن بحدل فيحيى و أما ابن الزبير فيقتل
كذبتم و بيت الله لا يقتلونه و لما يكن يوم أغر محجل
و لما يكن للمشرفية فيكم شعاع كنور الشمس حين ترجل
قال : ثم مات مروان فدعا عبد الملك إلى نفسه و قام فأجابه أهل الشام فخطب على المنبر و قال : من لابن الزبير ؟ فقال الحجاج : أنا يا أمير المؤمنين فأسكته ثم عاد فأسكته ثم عاد فقال : أنا له يا أمير المؤمنين فإني رأيت في النوم كأني انتزعت جنة فلبستها فعقد له و وجهه في الجيش إلى مكة حرسها الله تعالى حتى وردها على ابن الزبير فقاتله بها فقال ابن الزبير لأهل مكة : احفظوا هذين الجبلين فإنكم لن تزالوا بخير أعزة ما لم يظهروا عليهما قال : فلم يلبثوا أن ظهر الحجاج و من معه على أبي قبيس ونصب عليها المنجنيق فكان يرمي به ابن الزبير ومن معه في المسجد فلما كان الغداة التي قتل فيها ابن الزيير دخل ابن الزبير على أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها و هي يومئذ بنت مائة سنة لم يسقط لها سن و لم يفسد لها بصر و لا سمع فقالت لابنها : يا عبد الله ما فعلت في حبرك ؟ فقال : بلغوا مكان كذا و كذا قال و ضحك ابن الزبير و قال : إن في الموت لراحة فقالت : يا بني لعلك تمنيته لي ما أحب أن أموت حتى يأتي على أحد طرفيك إما أن تظفر فتقر بذلك عيني و إما أن تقتل فاحتسبك قال : ثم ودعها فقالت له : يا بني إياك أن تعطي خصلة من دينك مخافة القتل و خرج عنها فدخل المسجد و قد جعل مصراعين على الحجر الأسود يبقى أن تصيب بالمنجنيق و أتى ابن الزبير آت و هو جالس عند زمزم فقال له : ألا تفتح لك الكعبة فتصعد فيها فنظر إليه عبد الله ثم قال له : من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه يعني من أجله و هل للكعبة حرمة ليست لهذا المكان و الله لو وجدوكم معلقين بأستار الكعبة لقتلوكم فقيل له ألا تكلمهم في الصلح ؟ فقال : أو حين صلح هذا ؟ و الله لو وجودوكم في جوفها لذبحوكم جميعا ثم أنشأ يقول :
و لست بمبتاع الحياة ببيعة و لا مرتق من خشية الموت سلما
أنافس أنه غير نازح ملاق المنايا أي صرف تيمما
ثم أقبل على آل الزبير يعظهم ليكن أحدكم سيفه كما يكن وجهه لا ينكس سيفه فيدفع عن نفسه بيده كأنه امرأة و الله ما لقيت زحفا قط إلا في الرعيل الأول و لا ألمت جرحا قط إلا أن ألم الدواء قال : فبينما هم كذلك إذ دخل عليهم نفر من بني جمح فيهم أسود فقال من هؤلاء قيل أهل حمص فحمل عليهم و معه سبعون فأول من لقيه الأسود فضربه بسيفه حتى أظن رجله فقال له الأسود : آه يا ابن الزانية فقال له ابن الزبير : إخسا يا ابن حام لأسماء زانية ثم أخرجهم من المسجد فانصرف فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني سهم فقال : من هؤلاء ؟ فقيل : أهل الأردن فحمل عليهم و هو يقول :
لا عهد لي بغارة مثل السيل لا ينجلي غبارها حتى الليل
قال : فأخرجهم من المسجد ثم رجع فإذا بقوم قد دخلوا من باب بني مخزوم فحمل عليهم و هو يقول :
لو كان قرني واحدا لكفيته أوردته الموت و ذكيته
قال : و على ظهر المسجد من أعوانه من يرمي عدوه بالآجر و غيره فحمل عليهم فأصابته آجرة في مفرقه حتى حلقت رأسه فوقف قائما و هو يقول :
و لسنا على الأعقاب تدمي كلومنا و لكن على أقدامنا تقطر الدماء
قال : ثم وقع فأكب عليه موليان له و هما يقولان : العبد يحمي ربه و يحمى
قال : ثم سير إليه فحز رأسه رضي الله عنه
Tercemesi:
Açıklama:
Yazar, Kitap, Bölüm:
Hâkim en-Nîsâbûrî, el-Müstedrek, Ma'rifetü's- sahâbe 6475, 8/89
Senetler:
()
Konular: