قَالَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: وَكُنّا فِي خِبَاءٍ لَنَا عَلَى جَزُورٍ نَشْوِي مِنْ لَحْمِهَا، فَمَا هُوَ إلّا أَنْ سَمِعْنَا الْخَبَرَ، فَامْتَنَعَ الطّعَامُ مِنّا، وَلَقِيَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَلَقِيَنِي عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ يَا أَبَا خَالِدٍ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَسِيرُ أَعْجَبَ مِنْ مَسِيرِنَا، إنّ عِيرَنَا قَدْ نَجَتْ وَإِنّا جِئْنَا إلَى قَوْمٍ فِي بِلَادِهِمْ بَغْيًا عَلَيْهِمْ. فَقَالَ عُتْبَةُ لِأَمْرٍ حُمّ وَلَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ هَذَا شُؤْمُ ابْنِ الْحَنْظَلِيّةِ يَا أَبَا خَالِدٍ أَتَخَافُ أَنْ يُبَيّتَنَا الْقَوْمُ؟ قُلْت: لَا آمَنُ ذَلِكَ. قَالَ فَمَا الرّأْيُ يَا أَبَا خَالِدٍ؟ قَالَ نَتَحَارَسُ حَتّى نُصْبِحَ وَتَرَوْنَ مَنْ وَرَاءَكُمْ. قَالَ عُتْبَةُ هَذَا الرّأْيُ قَالَ فَتَحَارَسْنَا حَتّى أَصْبَحْنَا. قَالَ أَبُو جَهْلٍ مَا هَذَا؟ هَذَا عَنْ أَمْرِ عُتْبَةَ قَدْ كَرِهَ قِتَالَ مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ إنّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ أَتَظُنّونَ أَنّ مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ يَعْتَرِضُونَ لِجَمْعِكُمْ؟ وَاَللّهِ لَأَنْتَحِيَن نَاحِيَةً بِقَوْمِي، فَلَا يَحْرُسُنَا أَحَدٌ. فَتَنَحّى نَاحِيَةً وَالسّمَاءُ تُمْطِرُ عَلَيْهِ. يَقُولُ عُتْبَةُ إنّ هَذَا لَهُوَ النّكَدُ وَإِنّهُمْ قَدْ أَخَذُوا سُقّاءَكُمْ. وَأُخِذَ تِلْكَ اللّيْلَةَ يَسَارٌ غُلَامُ عُبَيْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَأَسْلَمَ غُلَامُ مُنَبّهِ بْنِ الْحَجّاجِ، وَأَبُو رَافِعٍ غُلَامُ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَأُتِيَ بِهِمْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّي، فَقَالُوا: سُقّاءُ قُرَيْش بَعَثُونَا نَسْقِيهِمْ مِنْ الْمَاءِ. وَكَرِهَ الْقَوْمُ خَبَرَهُمْ وَرَجَوْا أَنْ يَكُونُوا لِأَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِ الْعِيرِ فَضَرَبُوهُمْ. فَلَمّا أَذَلْقُوهُمْ بِالضّرْبِ قَالُوا: نَحْنُ لِأَبِي سُفْيَانَ وَنَحْنُ فِي الْعِيرِ وَهَذِهِ الْعِيرُ بِهَذَا الْقَوْزِ. فَيُمْسِكُونَ عَنْهُمْ فَسَلّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صلاته ثم قال: (ص. 52) " إنْ صَدَقُوكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمْ وَإِنْ كَذَبُوكُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ " فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُونَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ أَنّ قُرَيْشًا قَدْ جَاءَتْ. قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَدَقُوكُمْ خَرَجَتْ قُرَيْشٌ تَمْنَعُ عِيرَهَا وَخَافُوكُمْ عَلَيْهَا ". ثُمّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السّقّاءِ فَقَالَ: " أَيْنَ قُرَيْشٌ "؟ قَالُوا: خَلْفَ هَذَا الْكَثِيبِ الّذِي تَرَى. قَالَ: "كَمْ هِيَ"؟ قَالُوا: كَثِيرٌ. قَالَ: " كَمْ عَدَدُهَا "؟ قَالُوا: لَا نَدْرِي كَمْ هُمْ. قَالَ: " كَمْ يَنْحَرُونَ "؟ قَالُوا: يَوْمًا عَشَرَةً وَيَوْمًا تِسْعَةً. قَالَ: " الْقَوْمُ مَا بَيْنَ الْأَلْفِ وَالتّسْعِمِائَةِ ". ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسّقّاءِ: " مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكّةَ "؟ قَالُوا: لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ بِهِ طَعِمَ إلّا خَرَجَ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النّاسِ فَقَالَ: " هَذِهِ مَكّةُ، قَدْ أَلْقَتْ إلَيْكُمْ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا " ثُمّ سَأَلَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَلْ رَجَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ قَالُوا: رَجَعَ ابْنُ أَبِي شَرِيقٍ بِبَنِي زُهْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرْشَدُهُمْ وَمَا كَانَ بِرَشِيدٍ وَإِنْ كَانَ مَا عَلِمْت لَمُعَادِيًا لِلّهِ وَلِكِتَابِهِ" قَالَ: " أَحَدٌ غَيْرُهُمْ "؟ قَالُوا: بَنُو عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " أَشِيرُوا عَلَيّ فِي الْمَنْزِلِ ". فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْت هَذَا الْمَنْزِلَ أَمَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللّهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدّمَهُ وَلَا نَتَأَخّرَ عَنْهُ أَمْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ: " بَلْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ ". قَالَ فَإِنّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلٍ انْطَلِقْ بِنَا إلَى أَدْنَى مَاءِ الْقَوْمِ فَإِنّي عَالِمٌ بِهَا وَبِقُلُبِهَا، بِهَا قَلِيبٌ قَدْ عَرَفْت عُذُوبَةَ مَائِهِ وَمَاءٌ كَثِيرٌ لَا يَنْزَحْ ثُمّ نَبْنِي عَلَيْهَا حَوْضًا وَنَقْذِفُ فِيهِ الْآنِيَةَ فَنَشْرَبُ وَنُقَاتِلُ وَنُغَوّرُ مَا سِوَاهَا مِنْ الْقُلُبِ (ص. 53) حدثنا مُحَمّدٌ قَالَ حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرّأْيُ مَا أَشَارَ بِهِ الْحُبَابُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حُبَابُ أَشَرْت بِالرّأْيِ " فَنَهَضَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلَ كُلّ ذَلِكَ. حَدّثَنَا مُحَمّدٌ قَالَ حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ فَحَدّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ اللّهُ السّمَاءَ وَكَانَ الْوَادِي دَهْسًا - وَالدّهْسُ الْكَثِيرُ الرّمْلِ - فَأَصَابَنَا مَا لَبّدَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَمْنَعْنَا مِنْ الْمَسِيرِ وَأَصَابَ قُرَيْشًا مَا لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَرْتَحِلُوا مِنْهُ وَإِنّمَا بَيْنَهُمْ قَوْزٌ مِنْ رَمْلٍ. قَالُوا: وَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ تِلْكَ اللّيْلَةَ النّعَاسُ أُلْقِيَ عَلَيْهِمْ فَنَامُوا، وَمَا أَصَابَهُمْ مِنْ الْمَطَرِ مَا يُؤْذِيهِمْ. قَالَ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ: سُلّطَ عَلَيْنَا النّعَاسُ تِلْكَ اللّيْلَةَ حَتّى إنّي كُنْت لَأَتَشَدّدُ فَتَجْلِدُنِي الْأَرْضُ فَمَا أُطِيقُ إلّا ذَلِكَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ: رَأَيْتنِي وَإِنّ ذَقَنِي بَيْنَ يَدَيّ فَمَا أَشْعُرُ حَتّى أَقَعَ عَلَى جَنْبِي. قَالَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ: غَلَبَنِي النّوْمُ فَاحْتَلَمْت حَتّى اغْتَسَلْت آخِرَ اللّيْلِ. قَالُوا: فَلَمّا تَحَوّلَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَنْزِلِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ السّقَاءَ أَرْسَلَ عَمّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ، فَأَطَافَا بِالْقَوْمِ ثُمّ رَجَعَا إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللّهِ الْقَوْمُ مَذْعُورُونَ فَزِعُونَ إنّ الْفَرَسَ لَيُرِيدُ أَنْ يَصْهَلَ فَيَضْرِبَ وَجْهَهُ مَعَ أَنّ السّمَاءَ تَسِحّ عَلَيْهِمْ. فَلَمّا أَصْبَحُوا قَالَ نُبَيْهُ بْنُ الْحَجّاجِ، وَكَانَ رَجُلًا يُبْصِرُ الْأَثَرَ فقال (ص. 54) Öneri Formu Hadis Id, No: 203759, VM1/52 Hadis: قَالَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ: وَكُنّا فِي خِبَاءٍ لَنَا عَلَى جَزُورٍ نَشْوِي مِنْ لَحْمِهَا، فَمَا هُوَ إلّا أَنْ سَمِعْنَا الْخَبَرَ، فَامْتَنَعَ الطّعَامُ مِنّا، وَلَقِيَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَلَقِيَنِي عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ يَا أَبَا خَالِدٍ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَسِيرُ أَعْجَبَ مِنْ مَسِيرِنَا، إنّ عِيرَنَا قَدْ نَجَتْ وَإِنّا جِئْنَا إلَى قَوْمٍ فِي بِلَادِهِمْ بَغْيًا عَلَيْهِمْ. فَقَالَ عُتْبَةُ لِأَمْرٍ حُمّ وَلَا رَأْيَ لِمَنْ لَا يُطَاعُ هَذَا شُؤْمُ ابْنِ الْحَنْظَلِيّةِ يَا أَبَا خَالِدٍ أَتَخَافُ أَنْ يُبَيّتَنَا الْقَوْمُ؟ قُلْت: لَا آمَنُ ذَلِكَ. قَالَ فَمَا الرّأْيُ يَا أَبَا خَالِدٍ؟ قَالَ نَتَحَارَسُ حَتّى نُصْبِحَ وَتَرَوْنَ مَنْ وَرَاءَكُمْ. قَالَ عُتْبَةُ هَذَا الرّأْيُ قَالَ فَتَحَارَسْنَا حَتّى أَصْبَحْنَا. قَالَ أَبُو جَهْلٍ مَا هَذَا؟ هَذَا عَنْ أَمْرِ عُتْبَةَ قَدْ كَرِهَ قِتَالَ مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ إنّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ أَتَظُنّونَ أَنّ مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ يَعْتَرِضُونَ لِجَمْعِكُمْ؟ وَاَللّهِ لَأَنْتَحِيَن نَاحِيَةً بِقَوْمِي، فَلَا يَحْرُسُنَا أَحَدٌ. فَتَنَحّى نَاحِيَةً وَالسّمَاءُ تُمْطِرُ عَلَيْهِ. يَقُولُ عُتْبَةُ إنّ هَذَا لَهُوَ النّكَدُ وَإِنّهُمْ قَدْ أَخَذُوا سُقّاءَكُمْ. وَأُخِذَ تِلْكَ اللّيْلَةَ يَسَارٌ غُلَامُ عُبَيْدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَأَسْلَمَ غُلَامُ مُنَبّهِ بْنِ الْحَجّاجِ، وَأَبُو رَافِعٍ غُلَامُ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، فَأُتِيَ بِهِمْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّي، فَقَالُوا: سُقّاءُ قُرَيْش بَعَثُونَا نَسْقِيهِمْ مِنْ الْمَاءِ. وَكَرِهَ الْقَوْمُ خَبَرَهُمْ وَرَجَوْا أَنْ يَكُونُوا لِأَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِ الْعِيرِ فَضَرَبُوهُمْ. فَلَمّا أَذَلْقُوهُمْ بِالضّرْبِ قَالُوا: نَحْنُ لِأَبِي سُفْيَانَ وَنَحْنُ فِي الْعِيرِ وَهَذِهِ الْعِيرُ بِهَذَا الْقَوْزِ. فَيُمْسِكُونَ عَنْهُمْ فَسَلّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صلاته ثم قال: (ص. 52) " إنْ صَدَقُوكُمْ ضَرَبْتُمُوهُمْ وَإِنْ كَذَبُوكُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ " فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُونَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ أَنّ قُرَيْشًا قَدْ جَاءَتْ. قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَدَقُوكُمْ خَرَجَتْ قُرَيْشٌ تَمْنَعُ عِيرَهَا وَخَافُوكُمْ عَلَيْهَا ". ثُمّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السّقّاءِ فَقَالَ: " أَيْنَ قُرَيْشٌ "؟ قَالُوا: خَلْفَ هَذَا الْكَثِيبِ الّذِي تَرَى. قَالَ: "كَمْ هِيَ"؟ قَالُوا: كَثِيرٌ. قَالَ: " كَمْ عَدَدُهَا "؟ قَالُوا: لَا نَدْرِي كَمْ هُمْ. قَالَ: " كَمْ يَنْحَرُونَ "؟ قَالُوا: يَوْمًا عَشَرَةً وَيَوْمًا تِسْعَةً. قَالَ: " الْقَوْمُ مَا بَيْنَ الْأَلْفِ وَالتّسْعِمِائَةِ ". ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسّقّاءِ: " مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكّةَ "؟ قَالُوا: لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ بِهِ طَعِمَ إلّا خَرَجَ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النّاسِ فَقَالَ: " هَذِهِ مَكّةُ، قَدْ أَلْقَتْ إلَيْكُمْ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا " ثُمّ سَأَلَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَلْ رَجَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ قَالُوا: رَجَعَ ابْنُ أَبِي شَرِيقٍ بِبَنِي زُهْرَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَرْشَدُهُمْ وَمَا كَانَ بِرَشِيدٍ وَإِنْ كَانَ مَا عَلِمْت لَمُعَادِيًا لِلّهِ وَلِكِتَابِهِ" قَالَ: " أَحَدٌ غَيْرُهُمْ "؟ قَالُوا: بَنُو عَدِيّ بْنِ كَعْبٍ. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: " أَشِيرُوا عَلَيّ فِي الْمَنْزِلِ ". فَقَالَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْت هَذَا الْمَنْزِلَ أَمَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللّهُ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَقَدّمَهُ وَلَا نَتَأَخّرَ عَنْهُ أَمْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ؟ قَالَ: " بَلْ هُوَ الرّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ ". قَالَ فَإِنّ هَذَا لَيْسَ بِمَنْزِلٍ انْطَلِقْ بِنَا إلَى أَدْنَى مَاءِ الْقَوْمِ فَإِنّي عَالِمٌ بِهَا وَبِقُلُبِهَا، بِهَا قَلِيبٌ قَدْ عَرَفْت عُذُوبَةَ مَائِهِ وَمَاءٌ كَثِيرٌ لَا يَنْزَحْ ثُمّ نَبْنِي عَلَيْهَا حَوْضًا وَنَقْذِفُ فِيهِ الْآنِيَةَ فَنَشْرَبُ وَنُقَاتِلُ وَنُغَوّرُ مَا سِوَاهَا مِنْ الْقُلُبِ (ص. 53) حدثنا مُحَمّدٌ قَالَ حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرّأْيُ مَا أَشَارَ بِهِ الْحُبَابُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا حُبَابُ أَشَرْت بِالرّأْيِ " فَنَهَضَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَعَلَ كُلّ ذَلِكَ. حَدّثَنَا مُحَمّدٌ قَالَ حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ فَحَدّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ اللّهُ السّمَاءَ وَكَانَ الْوَادِي دَهْسًا - وَالدّهْسُ الْكَثِيرُ الرّمْلِ - فَأَصَابَنَا مَا لَبّدَ الْأَرْضَ وَلَمْ يَمْنَعْنَا مِنْ الْمَسِيرِ وَأَصَابَ قُرَيْشًا مَا لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَرْتَحِلُوا مِنْهُ وَإِنّمَا بَيْنَهُمْ قَوْزٌ مِنْ رَمْلٍ. قَالُوا: وَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ تِلْكَ اللّيْلَةَ النّعَاسُ أُلْقِيَ عَلَيْهِمْ فَنَامُوا، وَمَا أَصَابَهُمْ مِنْ الْمَطَرِ مَا يُؤْذِيهِمْ. قَالَ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ: سُلّطَ عَلَيْنَا النّعَاسُ تِلْكَ اللّيْلَةَ حَتّى إنّي كُنْت لَأَتَشَدّدُ فَتَجْلِدُنِي الْأَرْضُ فَمَا أُطِيقُ إلّا ذَلِكَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ: رَأَيْتنِي وَإِنّ ذَقَنِي بَيْنَ يَدَيّ فَمَا أَشْعُرُ حَتّى أَقَعَ عَلَى جَنْبِي. قَالَ رِفَاعَةُ بْنُ رَافِعِ بْنِ مَالِكٍ: غَلَبَنِي النّوْمُ فَاحْتَلَمْت حَتّى اغْتَسَلْت آخِرَ اللّيْلِ. قَالُوا: فَلَمّا تَحَوّلَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَنْزِلِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ السّقَاءَ أَرْسَلَ عَمّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَابْنَ مَسْعُودٍ، فَأَطَافَا بِالْقَوْمِ ثُمّ رَجَعَا إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللّهِ الْقَوْمُ مَذْعُورُونَ فَزِعُونَ إنّ الْفَرَسَ لَيُرِيدُ أَنْ يَصْهَلَ فَيَضْرِبَ وَجْهَهُ مَعَ أَنّ السّمَاءَ تَسِحّ عَلَيْهِمْ. فَلَمّا أَصْبَحُوا قَالَ نُبَيْهُ بْنُ الْحَجّاجِ، وَكَانَ رَجُلًا يُبْصِرُ الْأَثَرَ فقال (ص. 54) Tercemesi: Açıklama: Yazar, Kitap, Bölüm: , , Senetler: () Konular: BEDİR GAZVESİ 203759 VM1/52 Vâkıdî, Meğâzî, I, 52-54 Senedi ve Konuları BEDİR GAZVESİ