وكان حَجَّه على رَحْل، لا فى مَحْمِلٍ، ولا هَوْدَج، ولا عمَّارِية وزَامِلتُه تحته. وقد اختُلِف فى جواز ركوبِ المُحْرِم فى المَحْمِلِ، والهَوْدَجِ، والعَمَّارِية، ونحوها على قولين، هما روايتان عن أحمد أحدهما: الجوازُ وهو مذهبُ الشافعى وأبى حنيفة. والثانى: المنع وهو مذهب مالك.
فصل
ثم إنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيَّرهم عند الإحرام بين الأنساكِ الثلاثة، ثم ندبَهم عند دُنوِّهم من مكة إلى فسخ الحَج والقِران إلى العُمْرة لمن لم يكن معه هَدْىٌ، ثم حتَّم ذلك عليهم عند المروةِ.
وولَدَتْ أسماءُ بِنتُ عُميسٍ زوجةُ أبى بكر رضى الله عنها بذى الحُليفة محمَّدَ بن أبى بكر، فأمرها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تغتسِلَ، وتَسْتَثْفِرَ بثوب، وتُحرم وتُهِلَّ. وكان فى قِصتها ثلاثُ سُنن، إحداها: غسلُ المحرم، والثانية: أن الحائضَ تغتسِل لإحرامها، والثالثة: أن الإحرام يَصِحُّ مِن الحائض. (ص. 160)
ثم سار رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يُلبِّى بتلبيتِه المذكورةِ، والناسُ معه يزيدُون فيها ويَنقُصُون، وهو يُقِرُّهم ولا يُنكِرُ عليهم.
ولزم تلبيتَه، فلما كانُوا بالرَّوحاء، رأى حِمار وحْشٍ عَقيراً، فقال: "دَعوه فإنَّه يُوشِكُ أَنْ يَأتىَ صَاحِبُه" فَجاء صَاحِبُه إلىَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَقَالَ: يا رسُولَ الله، شَأْنَكُم بِهَذَا الحِمارِ، فَأَمرَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ.
وفى هذا دليل على جواز أكلِ المُحْرِمِ مِن صيد الحَلال إذا لم يَصِدْه لأجله، وأما كونُ صاحبه لم يُحْرِم، فلعلَّه لم يمرَّ بذى الحُليفة، فهو كأبى قتادة فى قصته، وتدل هذه القصةُ على أن الهِبة لا تفتقِرُ إلى لفظ: وهبتُ لك، بل تَصِحُّ بما يَدُلُّ عليها، وتدل على قسمته اللحم مع عظامه بالتحرِّى، وتَدُلُّ على أن الصيدَ يُملَكُ بالإثبات، وإزالة امتناعه، وأنه لمن أثبته لا لمن أخذه، وعلى حِلِّ أكلِ لحم الحِمار الوحشى، وعلى التوكيل فى القِسمة، وعلى كون القاسم واحدا (ص. 161)
فصل
ثم مضى حتى إذا كان بالأُثَايةِ بين الرُّويثَةِ والعَرْجِ، إذا ظبىٌ حَاقِفٌ فى ظِلٍّ فيه سهم، فأمر رجلاً أن يقف عنده لا يَرِيبُه أحدٌ من الناس، حتى يُجاوِزوا. والفرقُ بين قصة الظبى، وقصةِ الحمار، أن الذى صاد الحمار كان حلالاً، فلم يمنع من أكله، وهذا لم يعلم أنه حلال وهم محرِمون، فلم يأذنْ لهم فى أكله، ووكَّل مَن يَقِفُ عنده، لئلا يأخذه أحدٌ حتى يُجاوزوه.
وفيه دليل: على أن قتلَ المُحْرِم للصيد يجعلُه بمنزلة الميتة فى عدم الحِلِّ، إذ لو كان حلالاً، لم تَضِعْ مالِيَّتُه.
فصل
ثم سار حتى إذا نزل بالعَرْجِ، وكانت زِمالتُه وزِمَالَةُ أبى بكر واحدة، وكانت مع غلام لأبى بكر، فجلس رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر إلى جانبه، وعائشةُ إلى جانبه الآخر، وأسماءُ زوجته إلى جانبه، وأبو بكر ينتظِر الغلام والزمالة، إذ طلع الغلام ليس معه البعير، فقال: أين بعيرُك ؟ فقال: أضللتُه البارحة، فقال أبو بكر: بعير واحد تُضِلُّه. قال: فَطفِق يضربُه ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتبسَّم، ويقول: انظُروا إلى هذا المُحْرِم ما يصنَعُ، وما يزيد رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن يقول ذلك ويتبسم. ومن تراجم أبى داود على هذه القصة، باب "المحرم يؤدِّب غلامه". (ص. 162)
Öneri Formu
Hadis Id, No:
203598, ZD2/160
Hadis:
وكان حَجَّه على رَحْل، لا فى مَحْمِلٍ، ولا هَوْدَج، ولا عمَّارِية وزَامِلتُه تحته. وقد اختُلِف فى جواز ركوبِ المُحْرِم فى المَحْمِلِ، والهَوْدَجِ، والعَمَّارِية، ونحوها على قولين، هما روايتان عن أحمد أحدهما: الجوازُ وهو مذهبُ الشافعى وأبى حنيفة. والثانى: المنع وهو مذهب مالك.
فصل
ثم إنَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيَّرهم عند الإحرام بين الأنساكِ الثلاثة، ثم ندبَهم عند دُنوِّهم من مكة إلى فسخ الحَج والقِران إلى العُمْرة لمن لم يكن معه هَدْىٌ، ثم حتَّم ذلك عليهم عند المروةِ.
وولَدَتْ أسماءُ بِنتُ عُميسٍ زوجةُ أبى بكر رضى الله عنها بذى الحُليفة محمَّدَ بن أبى بكر، فأمرها رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تغتسِلَ، وتَسْتَثْفِرَ بثوب، وتُحرم وتُهِلَّ. وكان فى قِصتها ثلاثُ سُنن، إحداها: غسلُ المحرم، والثانية: أن الحائضَ تغتسِل لإحرامها، والثالثة: أن الإحرام يَصِحُّ مِن الحائض. (ص. 160)
ثم سار رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يُلبِّى بتلبيتِه المذكورةِ، والناسُ معه يزيدُون فيها ويَنقُصُون، وهو يُقِرُّهم ولا يُنكِرُ عليهم.
ولزم تلبيتَه، فلما كانُوا بالرَّوحاء، رأى حِمار وحْشٍ عَقيراً، فقال: "دَعوه فإنَّه يُوشِكُ أَنْ يَأتىَ صَاحِبُه" فَجاء صَاحِبُه إلىَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَقَالَ: يا رسُولَ الله، شَأْنَكُم بِهَذَا الحِمارِ، فَأَمرَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ.
وفى هذا دليل على جواز أكلِ المُحْرِمِ مِن صيد الحَلال إذا لم يَصِدْه لأجله، وأما كونُ صاحبه لم يُحْرِم، فلعلَّه لم يمرَّ بذى الحُليفة، فهو كأبى قتادة فى قصته، وتدل هذه القصةُ على أن الهِبة لا تفتقِرُ إلى لفظ: وهبتُ لك، بل تَصِحُّ بما يَدُلُّ عليها، وتدل على قسمته اللحم مع عظامه بالتحرِّى، وتَدُلُّ على أن الصيدَ يُملَكُ بالإثبات، وإزالة امتناعه، وأنه لمن أثبته لا لمن أخذه، وعلى حِلِّ أكلِ لحم الحِمار الوحشى، وعلى التوكيل فى القِسمة، وعلى كون القاسم واحدا (ص. 161)
فصل
ثم مضى حتى إذا كان بالأُثَايةِ بين الرُّويثَةِ والعَرْجِ، إذا ظبىٌ حَاقِفٌ فى ظِلٍّ فيه سهم، فأمر رجلاً أن يقف عنده لا يَرِيبُه أحدٌ من الناس، حتى يُجاوِزوا. والفرقُ بين قصة الظبى، وقصةِ الحمار، أن الذى صاد الحمار كان حلالاً، فلم يمنع من أكله، وهذا لم يعلم أنه حلال وهم محرِمون، فلم يأذنْ لهم فى أكله، ووكَّل مَن يَقِفُ عنده، لئلا يأخذه أحدٌ حتى يُجاوزوه.
وفيه دليل: على أن قتلَ المُحْرِم للصيد يجعلُه بمنزلة الميتة فى عدم الحِلِّ، إذ لو كان حلالاً، لم تَضِعْ مالِيَّتُه.
فصل
ثم سار حتى إذا نزل بالعَرْجِ، وكانت زِمالتُه وزِمَالَةُ أبى بكر واحدة، وكانت مع غلام لأبى بكر، فجلس رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر إلى جانبه، وعائشةُ إلى جانبه الآخر، وأسماءُ زوجته إلى جانبه، وأبو بكر ينتظِر الغلام والزمالة، إذ طلع الغلام ليس معه البعير، فقال: أين بعيرُك ؟ فقال: أضللتُه البارحة، فقال أبو بكر: بعير واحد تُضِلُّه. قال: فَطفِق يضربُه ورسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتبسَّم، ويقول: انظُروا إلى هذا المُحْرِم ما يصنَعُ، وما يزيد رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أن يقول ذلك ويتبسم. ومن تراجم أبى داود على هذه القصة، باب "المحرم يؤدِّب غلامه". (ص. 162)
Tercemesi:
Açıklama:
Yazar, Kitap, Bölüm:
, ,
Senetler:
()
Konular:
Yiyecekler, yaban eşeğinin eti